عقد الكراء

 عقد الكراء

 

تعريفه  الكراء:

 هو عقد معاوضة على منافع غير الآدمي:  بمعنى أنه عقد بمقتضاه يمنح المكري للمكتري منفعة منقول أو عقار, خلال مدة معينة في مقابل أجرة محددة يلتزم بدفعها المكري .

شرح التعريف

·   معنى كون عقد على المنافع : أنه يخول للمكتري استعمال منافعه مقابل أجر معينة دون أن يملك ذاته فيخرج بذلك البيع لأنه عقد على ذات الشيء

·   معنى كونه عقد على منافع غير الآدمي : أن العقد فيه يكون على الدور والأراضي والأدوات والحيوان فلا يدخل فيه الإجارة و الجعل لأنهم عقد على منافع الآدمي.

مشروعيته ودليل مشروعيته

 الكراء عقد جائز بإجماع أهل العلم ودليل مشروعيه حديث رافع بن خديج أن الرسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن كراء المزارع قال حنظلة وسألت رافع بن خديج بالذهب و الورق؟ فقال أما بالذهب و الورق فلا بأس به  ( الموطأ كتاب كراء الأرض ).

وهو من العقود اللازمة يلزم المتكاريين بمجرد العقد ولا ينقضه موت أحد المتكاريين, ولا بيع, وهو جائز في كل شيء يصح بيعه ما لا تفوت ذاته باستغلاله

أركانه و شروط أركانه .

1. العاقدان : وهما المكري والمكتري: فالمكري هو المالك للعين أو الذات المكتراة أو وكيله والمكتري هو الشخص الذي تملك بعوض حق الانتفاع بالعين المكتراة مدة معلومة ويشترط في كل

منهما أن يكون مميز فلا يصح من غيره لجنون و سكران أو صغر وأن يكون العقد بينهما عن

رضا فلا يلزم إن كان عن غير طواعية بأن يكره احدهما على العقد

2. منفعة العين المكتراة : ويشترط فيها أن تكون مباحة الاستعمال, مملوكة ملكا صحيحا للمالك, مقدورا على تسليمها, وعدم فوات ذاتها باستغلالها ككراء شاة لذبحها وطعام لأكله

3.   سومة الكراء : وهي المقابل أو العوض الذي يدفعه المكتري للمكري في مقابل الانتفاع بالعين المكتراة ويشترط فيها أن تكون معينة و محددة , طاهرة مقدورا على تسليمها كما يشترط في الأجرة أن تكون محدودة الوقت إما مشاهرة أو وجيبة .

أنواعه .

1.   كراء الأراضي : اختلف في كراء الأرض لمن يزرعها و المشهور في مذهب الإمام مالك جواز كرائها بالنقود للحديث المذكور أعلاه كما يجوز كراؤها بالعروض  والحيوان ولا يجوز كراؤها بما يلي :

* كل ما تنبته الأرض واستثني من ذلك الخشب و القصب و الحلفاء

* الطعام كله سواء كان بما تنبته الأرض كالحبوب و الخضر أو كان مما لا تنبنه كاللحم والحليب والعسل .

فان لم تكر الأرض وفق ما ذكر فسخ الكراء قبل الحرث وان فسخ بعده كان المزروع له ووجب عليه كراء المثل لرب الأرض

ويجوز كراء الأرض مدة سنوات محددة على أن ينتفع بها المكتري على الوجه الذي لا يحيق بها الضرر فان اكترى شخص أرضا لمزروع معين زرعها بغيره

جزا له ذلك بشرط ألا يلحق بالأرض ضررا ويشترط أنت تكون بيضاء غير مغروسة أو أن يكون سوادها يسيرا محصورا في الثلث فأقل من قيمة كراءها

وأن يكون تابعا لبياضها  ويتم تحديد السنة في أرض المطر في الحصاد ولو لم يبلغ 12شهرا و في الأرض المسقية بالشهور فان اكترى سنة في أرض مسقية ومضت السنة و لا زال فيها زرع لم يجبر على قلعه وعليه كراء المثل فيما زاد عن السنة وقيل عليه بحساب الكراء الأول .

كراء العروض

ويقصد بالعروض الثياب و الأوان والحلي و السروج و غيرها ويجوز كراؤها شريطة أن يكون العرض المكترى معروفا بعينه , و الأصل في كراء العروض أن المكتري لا يضمن العرض الذي اكتراه لانه يعتبر أمينا اذا نشأ ذلك عن قدرة

أما إذا ثبت أن ضياعه وتلفه إنما كان بتفريط منه و تعد ضمن ويصدق المكتري فيما يدعي من الضياع أو في سببه مع يمينه . ويلزم الكراء كله إذا كانت مدة الكراء قد انقضت أما إن ادعى تلف العرض قبل انقضاء المدة  و أثبت ذلك بالبينة سقط عنه الضمان و أدى من الكراء بقدر من دفع إلى وقت التلف .

و يصدق المكتري في رد العرض المكترى إذا ادعى صاحبه أنه لم يرده بشرط أن يحلف على رده وألا يكون قد قبضه ببينة و إلا لا تبرأ ذمته إلا إذا رده بالبينة , للقاعدة " ما أخذ ببينة لا يرد إلا ببينة ".

كراء الدور و الحوانيت( الرباع )

يجوز كراؤها بجميع الأثمان التي يجوز بها البيع وهذا الكراء إما أن يكون وجيبة أو مشاهرة .

كراء الوجيبة: هو الكراء الذي ينعقد لمدة محددة معينة بالإشارة إليها أو تسميتها مقابل ثمن معلوم كأن يقول المكتري للمكري (أكتري منك دارك هذا الشهر أو هذه السنة أو السنتين) بأجرة مقدرة لتلك المدة المعينة. وهذا النوع من الكراء يلزم المتعاقدين إلى أن تنقضي المدة و لا يحق لأي منهما أن يفسخ هذا الكراء إلا إذا تراضيا على ذلك فيفسخ حينئذ العقد و يدفع المكتري من للكراء بقدر ما سكن .

كراء المشاهرة أو المساهنة : وهو يعقد فيها الكراء عن كل سنة دون تحديد مدة بعينها كأن يقول المكتري للمكري اكتري منك  دارك كل شهر بألف درهم والعقد في هذا النوع غير لازم للمتعاقدين على التفسير الأتي على القول المشهور:

·      إذا كان المكتري لم يدفع  شيء من الكراء فلا يلزمهما شيء ولو شرع المكتري في السكن فان فسخ الكراء دفع من الكراء بقدر ما سكن , ما لم يجري عرف باللزوم و إلا فليس للمكري أن يخرجه إلا إذا تغيرت أثمان الكراء

· إن كان المكتري قد دفع شيئا من الكراء ولم يكن قد شرع في السكن فلا يستجاب لمن طلب الفسخ منهما إلا إذا رضي الطلب الآخر بالفسخ ويرد للمكتري ما دفعه

·   إذا كان المكتري قد دفع شيئا من الكراء وشرع فعلا في السكن فانه يلزمهما إتمام المدة التي دفع كراءها ولو تراضيا على الفسخ, وعلل ذلك أنه من باب جمع السلف و الكراء في عقد واحد حيث إن القدر المدفوع يعتبر سلفا والمقابل له في مدة السكن كراء.

كراء الرواحل والسفن : من ذلك كراء الدواب و السيارات والشاحنات و السفن و غيرها من و سائل النقل , و هي تكرى إما للركوب أو الحمل :

· كراؤها من أجل الركوب: وجب تحديده إما بالمسافة أو بالزمن و يمنع الجمع بينهما

· كراؤها لحمل البضائع و السلع : و جب تعيين ما يحمل عليها و المسافة أو الزمان. و تكرى على وجهين:

الوجه الأول : وجه معين و هو الذي يقع  الكراء فيه على وسيلة نقل معينة بذاتها لا غيرها

 الوجه الثاني : وجه مضمون: و هو الذي لا يقع  الكراء فيه على وسيلة نقل معينة بذاتها لا غيرها و إنما المراد منه جنس وسيلة النقل , من غير تعين معين منه.

و التكييف الفقهي للوجهين أنه يجوز فيهما تقديم أجرة الكراء , أو تأخيرها إذا شرع في الركوب. غير أنه في الوجه الأول يفسخ العقد إذا لم يتمكن المكتري من العين المكتراة  لعارض مانع فيها . أما في الوجه الثاني ,لا يفسخ و على المكري أن يأتي بعين أخرى للمكتري  حتى يفي الأول بمقتضى العقد و لو لم يشترط ذلك عند التعاقد.

إضافات: 

خصائص عقد الكراء : فهو عقد :

  • ملزم للمتعاقدين
  • نفعي لا تصرفي
  • مقيد بزمن مشاهرة أو وجيبة
  • مقيد بمنفعة العين المكتراة
  • رضائي
  • عوضي

دوره : للكراء دور تربوي و حقوقي و مالي و اقتصادي و اجتماعي من ذلك:

·           من معرفة كل طرف ما له من حقوق تجاه الآخر و ما عليه من واجبات

·          التربية على وجوب احترام العقود و منها عقد الكراء كما هو مطلوب شرعا في قوله تعالى : " يأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود"

·            توقف الناس على هذا العقد للحصول على منافعهم بطرق مشروعة

·         إسهامه في تداول المال و المنافع على نطاق واسع

·          كون عقد الكراء المصدر الأساس لكثير الأسر التي فقدت من يعيلها فيخفف عنها بعض متطلباتها اجتماعيا

·         إسهامه في الرواج الاقتصادي حيث أصبح عقد الكراء اليوم له امتداد في مختلف مناحي الحياة اليومية و الموسمية و وعاء لكثير من التصرفات الاجتماعية ذات البعد الاقتصادي