اختلاف المجتهدين

 

اختلاف المجتهدين

 

حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِي شَبَابَةُ حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ وَقَالَتْ الْأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَام فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا فَقَالَتْ الصُّغْرَى لَا يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى

 رواه البخاري و مسلم و غيرهما و اللفظ لمسلم

درجة الحديث 

توفرت فيه شروط الصحة من اتصال السند و عدالة رواته و ضبطهم , فرواته عند مسلم حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنِي شَبَابَةُ حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 و عند البخاري حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَتْ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا فَقَالَتْ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ وَقَالَتْ الْأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَام فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَهُمَا فَقَالَتْ الصُّغْرَى لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنْ سَمِعْتُ بِالسِّكِّينِ قَطُّ إِلَّا يَوْمَئِذٍ وَمَا كُنَّا نَقُولُ إِلَّا الْمُدْيَةَ

 

الشرح

قال الامام النووي في شرحه لصحيح مسلم

قضاء داود وسليمان صلى الله عليهما وسلم في الولدين اللذين أخذ الذئب أحدهما فتنازعته أماهما , فقضى به داود للكبرى , فلما مرتا بسليمان قال : أقطعه بينكما نصفين فاعترفت به الصغرى للكبرى بعد أن قالت الكبرى : اقطعه , فاستدل سليمان بشفقة الصغرى على أنها أمه , وأما الكبرى فما كرهت ذلك ; بل أرادته لتشاركها صاحبتها في المصيبة بفقد ولدها . قال العلماء : يحتمل أن داود صلى الله عليه وسلم قضى به للكبرى لشبه رآه فيها , أو أنه كان في شريعته الترجيح بالكبير , أو لكونه كان في يدها , وكان ذلك مرجحا في شرعه . وأما سليمان فتوصل بطريق من الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطن القضية , فأوهمهما أنه يريد قطعه ليعرف من يشق عليها قطعه فتكون هي أمه , فلما أرادت الكبرى قطعه , عرف أنها ليست أمه , فلما قالت الصغرى ما قالت عرف أنها أمه , ولم يكن مراده أنه يقطعه حقيقة , وإنما أراد اختبار شفقتهما ; لتتميز له الأم , فلما تميزت بما ذكرت عرفها , ولعله استقر الكبرى فأقرت بعد ذلك به للصغرى , فحكم للصغرى بالإقرار لا بمجرد الشفقة المذكورة , قال العلماء : ومثل هذا يفعله الحكام ليتوصلوا به إلى حقيقة الصواب , بحيث إذا انفرد ذلك لم يتعلق به حكم , فإن قيل : كيف حكم سليمان بعد حكم داود في القصة الواحدة ونقض حكمه , والمجتهد لا ينقض حكم المجتهد ؟ فالجواب من أوجه مذكورة : أحدها : أن داود لم يكن جزم بالحكم . والثاني : أن يكون ذلك فتوى من داود لا حكما . والثالث : لعله كان في شرعهم فسخ الحكم إذا رفعه الخصم إلى حاكم آخر يرى خلافه . والرابع : أن سليمان فعل ذلك حيلة إلى إظهار الحق وظهور الصدق , فلما أقرت به الكبرى عمل بإقرارها , وإن كان بعد الحكم كما إذا اعترف المحكوم له بعد الحكم أن الحق هنا لخصمه . قوله : ( فقالت الصغرى : لا - يرحمك الله - هو ابنها ) معناه : لا تشقه , وتم الكلام , ثم استأنفت فقالت : يرحمك الله هو ابنها , قال العلماء : ويستحب أن يقال في مثل هذا بالواو فيقال : لا ويرحمك الله .

الأحكام

·         القضاء مبني على الاجتهاد وفق ما يسمعه القاضي من حجج و بينات

·         اختلاف المجتهدين أمر سائغ شرعا

·         الاجتهاد لا ينقض بمثله و أجيب عن فعل سليمان بأوجه ( يرجع إليها في الشرح

·         جواز استعمال الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطن القضية

  • استحباب أن يقال في مثل "لا, يرحمك الله" هذا بالواو فيقال : لا ويرحمك الله .أو يقال كما في رواية البخاري: " لَا تَفْعَلْ يَرْحَمُكَ اللَّه ُ".