الغصب و الإتلاف

        

                                    الغصب و الإتلاف

تعريف الغصب
الغصب لغة : هو أخذ الشيء ظلما وقهرا و الاستيلاء عليه عدوانا , والاغتصاب مثله , يقال : غصبه منه وغصبه عليه بمعنى واحد .
واصطلاحا :عرفه المالكية بأنه : أخذ مال قهرا تعديا بلا حرابة . أو رفع اليد المستحقة و و ضع اليد العادية قهرا ( و كان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا )
التعدي هو : مجاوزة الحد والحق , فهو أعم من الغصب .

حكم الغصب
الغصب حرام إذا فعله الغاصب عن علم ; لأنه معصية , وقد ثبت تحريمه بالقرآن والسنة والإجماع .
أما القرآن الكريم : فقول الله تعالى :
يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم
وأما السنة الشريفة : فمنها قوله صلى الله عليه وسلم : إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم , كحرمة يومكم هذا , في بلدكم هذا في شهركم هذا وقوله : لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفسه
وأما الإجماع : فقد أجمع المسلمون على تحريم الغصب , وإن لم يبلغ المغصوب نصاب سرقة .

الضمان في الغصب

الموجب الأصليّ في الغصب ،. أن يردّ الشّيء الماليّ المعتدى فيه نفسه ، كلّما أمكن ، ما دام قائماً موجوداً  لم يدخله عيب ينقص من منفعته ، وهذا الحديث الحسن، عن سمرة رضي الله تعالى عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي « .

فإذا تعذّر ردّ الشّيء بعينه ، لهلاكه أو استهلاكه أو فقده ، وجب حينئذ ردّ مثله ، إن كان مثليّاً ، أو قيمته إن كان قيميّاً .

والمثليّ هو : ما له مثل في الأسواق ، أو نظير ، بغير تفاوت يعتدّ به ، كالمكيلات ، والموزونات ، والمزروعات ، والعدديّات المتقاربة .

والقيميّ هو : ما ليس له مثل في الأسواق ، أو هو ما تتفاوت أفراده ، كالكتب المخطوطة ، والثّياب المفصّلة المخيطة لأشخاص بأعيانهم .

والمثل أعدل في دفع الضّرر ، لما فيه من اجتماع الجنس والماليّة .

والقيمة تقوم مقام المثل ، في المعنى والاعتبار الماليّ .

ومذهب المالكيّة : أنّ ضمان القيمة يعتبر يوم الغصب والاستيلاء على المغصوب سواء أكان عقاراً ، أم غيره ، لا يوم حصول المفوّت ، ولا يوم الرّدّ ، وسواء أكان التّلف بسماويّ أم بجناية غيره عليه .

وفي الإتلاف والاستهلاك - في غير المثليّات - كالعروض والحيوان ، تعتبر يوم الاستهلاك والإتلاف .

حكم الانتفاع بالمغصوب

ما دام الغصب حراما فإنه لا يحل الانتفاع بالمغصوب بأي وجه من وجوه الانتفاع , و يجب رده إن كان قائما وضمنه إن فات فإن انتفع بالمغصوب دون فواته أخذه و ضمن الغاصب قيمة قدر ما انتفع به إلا ما كان من ذلك يكال أو يوزن ، فعليه مثل مكيلته أو وزنه ( و هو قول المدونة المدونة الكبرى . كتاب الغصب و فيه : مسألة في من اغتصب من رجل نخلا أو شجرا فأثمرت أو غنما فتوالدت قلت : أرأيت إن اغتصبت من رجل نخلا أو شجرا أو غنما أو إبلا ، فأثمرت الشجر عندي وتوالدت الغنم أو الإبل ، فجززت أصوافها وشربت ألبانها وأكلت سمونها وجبنها ، ثم قدم ربها فاستحقها ، أله أن يضمنني ما أكلت من ذلك ، ويأخذها مني بأعيانها في قول مالك ؟ قال : نعم ، إلا ما كان من ذلك يكال أو يوزن ، فعليه مثل مكيلته أو وزنه .
قلت : وهذه النخل وهذه الشجر وهذا الحيوان الذي غصبته فأكلت ثمرته ، إن كنت قد سقيته وعالجته وعملت فيه ورعيت الغنم وأنفقت عليها في رعايتها ومصلحتها ، أيكون ما أنفقت في ذلك لي ؟
قال : لا شيء لك فيما أنفقت على النخل ، ولا فيما رعيت الغنم ، ولكن يكون ذلك لك فيما عليك من قيمة الغلة ، إلا أن يكون ما أنفقت أكثر مما اغتنمت . ألا ترى لو أن رجلا سرق دابة فحلبها أشهرا وأنفق عليها ، ثم أتى ربها فاستحقها ، أنه لا شيء له فيما علف وسقى ، وكذلك الغاصب . قلت : أتحفظه عن مالك ؟ قال : لا ، ولكن هذا رأيي)

و إذا وجد المغصوب منه ماله عند غيره كان أحق به و لو كان الغاصب باعه لهذا الغير , و يرجع المشتري على الغاصب بالثمن الذي أخذه منه. و من زرع في أرض مغصوبة فالزرع لصاحب الأرض و للغاصب النفقة, هذا إذا لم يكن الزرع قد حصد , فإن كان قد حصد فليس لصاحب الأرض بعد الحصد إلا الأجرة. أما إذا كان غرس فيها فإنه يجب قلع ما غرسه, كذلك إذا بنى عليها فإنه يجب هدم ما بناه

 

تعريف الإتلاف

هو : إخراج الشيء من أن يكون منتفعا به منفعة مطلوبة منه عادة .
والقدر المشترك بين الإتلاف والغصب هو تفويت المنفعة على المالك .
ويختلفان في أن الغصب لا يتحقق إلا بزوال يد المالك أو تقصير يده . أما الإتلاف فقد يتحقق مع بقاء اليد .
كما يختلفان في الآثار من حيث المشروعية أو ترتب الضمان .

حكم الإتلاف لا يجوز إتلاف ممتلكات  و منافع الغير فمن فعل عد  معتديا آثما

الإتلاف يعتبر سببا آخر من أسباب الضمان و هو على قسمين، إتلاف بالمباشرة، وإتلاف بالتسبب:
1. فقد يقوم الشخص مباشرة بعمل الإتلاف دون أية واسطة، فيكون ضامنا. كما لو أشعل النار في أمتعة الغير فأحرقها، أو دفع بالحيوان إلى هاوية فسقطت وتلفت، أو ضرب بالفأس على زجاج فكسره،
2. وقد لا يقوم الشخص مباشرة بعمل الإتلاف، بل يكون سببا في ذلك بأن يقوم بعملٍ ما أو إيجاد شيءٍ ما يكون واسطة للإتلاف، بحيث يعتبر العرف أن سبب التلف هو الشخص وليس الواسطة، وأمثلة ذلك:
 يحفر حفرة في الطريق العام دون أن يضع أية علامات تحذيرية فيسقط فيها المشاة أو وسائط النقل، فيكون ضامنا للخسائر، ومن ذلك الحفريات التي تقوم بها مختلف الجهات البلدية دون وضع تحذيرات للمارة.
شروط إيجاب الضمان بالإتلاف

· أَنْ يَكُونَ الْمُتْلَفُ مَالًا ، فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِإِتْلَافِ الْمَيِّتَةِ وَالدَّمِ وَجِلْدِ الْمَيِّتَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ

· أَنْ يَكُونَ مُتَقَوِّمًا ، فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِإِتْلَافِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الْمُسْلِمِ

· أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا ، فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ بِإِتْلَافِ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي لَا يَمْلِكُهَا أَحَدٌ

· أَنْ يَكُونَ الْمُتْلِفُ مِنْ أَهْلِ وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ ، حَتَّى لَوْ أَتْلَفَتْ مَالَ إنْسَانٍ بَهِيمَةٌ لَا ضَمَانَ عَلَى مَالِكِهَا ; لِأَنَّ فِعْلَ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ ، فَكَانَ هَدَرًا وَلَا إتْلَافَ مِنْ مَالِكِهَا ، فَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ

· أَنْ يَكُونَ فِي الْوُجُوبِ فَائِدَةٌ ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِإِتْلَافِ مَالِ الْحَرْبِيِّ وَلَا عَلَى الْحَرْبِيِّ بِإِتْلَافِ مَالِ الْمُسْلِمِ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، وَكَذَا لَا ضَمَانَ عَلَى الْعَادِلِ إذَا أَتْلَفَ مَالَ الْبَاغِي ، وَلَا عَلَى الْبَاغِي إذَا أَتْلَفَ مَالَ الْعَادِلِ ; لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْوُجُوبِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى الضَّمَانِ لِانْعِدَامِ الْوِلَايَةِ

كيفية الضمان

القاعدة العامّة في تضمين الماليّات هي : مراعاة المثليّة التّامّة بين الضّرر ، وبين العوض ، كلّما أمكن ، قال السّرخسيّ : " ضمان العدوان مقدّر بالمثل بالنّصّ " يشير إلى قوله تعالى : { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ } .

والمثل وإن كان به يتحقّق العدل ، لكن الأصل أن يردّ الشّيء الماليّ المعتدى فيه نفسه ، كلّما أمكن ، ما دام قائماً موجوداً ، لم يدخله عيب ينقص من منفعته ، وهذا الحديث الحسن، عن سمرة رضي الله تعالى عنهما عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال : » على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي « .

بل هذا هو الموجب الأصليّ في الغصب ، الّذي هو أوّل صور الضّرر وأهمّها .

فإذا تعذّر ردّ الشّيء بعينه ، لهلاكه أو استهلاكه أو فقده ، وجب حينئذ ردّ مثله ، إن كان مثليّاً ، أو قيمته إن كان قيميّاً .

والمثليّ هو : ما له مثل في الأسواق ، أو نظير ، بغير تفاوت يعتدّ به ، كالمكيلات ، والموزونات ، والمزروعات ، والعدديّات المتقاربة .

والقيميّ هو : ما ليس له مثل في الأسواق ، أو هو ما تتفاوت أفراده ، كالكتب المخطوطة ، والثّياب المفصّلة المخيطة لأشخاص بأعيانهم .

والمثل أعدل في دفع الضّرر ، لما فيه من اجتماع الجنس والماليّة .

والقيمة تقوم مقام المثل ، في المعنى والاعتبار الماليّ .

قاعدة ضبط صور التعدي في الأموال

" إذا أخذ المال سرا من حرز مثله كان سرقة, و إن أخذ مكابرة كان محاربة و إن أخذ استيلاء كان اختلاسا و و إن أخذ مما كان له مؤتمنا عليه كان خيانة"

 ( الاختلاس ) :
الاختلاس لغة : أخذ الشيء مخادعة عن غفلة . واصطلاحا : أخذ الشيء بحضرة صاحبه جهرا مع الهرب به , سواء جاء المختلس جهارا أو سرا .
والصلة أن في كل منهما أخذ مال الغير بغير حق , لكن الوسيلة فيهما تختلف .
( السرقة) :
5 - السرقة : هي أخذ مال الغير من حرز مثله على وجه الخفية والاستتار , وهي توجب الحد . والصلة أن الغصب أخذ مال الغير علانية دون استخفاء , بخلاف السرقة فإنها تكون خفية واستتارا .
الحرابة : أخذ المال على وجه القهر بحيث يتعذر معه الغوث أو النجدة .