الهبة و الصدقة

الهبة و الصدقة

تعريف الهبة و الصدقة

الهبة لغة: من وهب يهب بمعنى أعطى, و تعني التفضل على الغير و لو بغير مال

الهبة اصطلاحا: تمليك شيء بغير عوض لوجه المعطى له

الصدقة لغة: ما يعطى من أجل التقرب إلى الله, لا من اجل المكرمة

الصدقة اصطلاحا: تمليك شيء لوجه الله بغير عوض

حكم الهبة و الصدقة و أصلهما الشرعي:

الهبة و الصدقة مستحبتان و تلزمان بالقول فيما علم و ما جهل و لو خالف ظنه بكثير.       و أصلهما الشرعي: القرآن و السنة و الإجماع

حكمة مشروعيتها

·        التقرب إلى الله إن كانت لوجهه تعالى

·        صلة الرحم و فعل الخير

·        تزكية النفس من الشح و البخل

·        توثيق عرى المحبة بين الناس و استئصال أسباب الكراهية و الحسد من المجتمع

أركانهما و ما يشترط في كل ركن

·        الواهب أو المتصدق و هو المالك للشيء الموهوب أو المتصدق به و يشترط في كل منهما:

1.    أن يكون رشيدا فلا تصحان من سفيه و لا صغير و لا مجنون و لو أجازها الولي

2.    أن يكون مالكا لما تصدق به أو وهبه , فإن كانتا من فضولي بطلتا

3.    أن يكون صحيحا: فإن  كان مريضا مرضا مخوفا فلهما حكم الوصية فتصحان و تلزمان في الثلث لغير وارث, و للورثة رد ما زاد على الثلث لغير وارثو و رد ما كان لوارث مطلقا. و إذا صح المريض صحة بينة ثم مات من مرض طارئ فلا تبطل عطيته و لو بجميع المال إذا حيزت؛ كانت لوارث أو غيره, و المرض الخفيف له حكم العدم, و عن كان مزمنا متطاولا بطل ما وقع فيه إن مات بالقرب و يصح إن ملت بعد طول.

4.    عدم استغراق الديون ماله: فإن استغرقته , خير الغرماء بين الرد و الإمضاء

·      الموهوب له أو المتصدق عليه: و هو من يمتلك الشيء الموهوب أو المتصدق به, سواء كان رشيدا أو سفيها أو صبيا,مميزا كان أو غير مميز, موجودا أو مرجو الوجود.

و يشترط فيه أهلية قبول الهبة: الرشيد يعبر عن قبوله بنفسه, و المحجور عليه ينوب عنه وليه. و يوقف المال الموهوب للجنين إلى حين ولادته؛ فإن ولد حيا كان له و إلا بقي على ملك الواهب 

·        الموهوب أو المتصدق به : و يشترط فيه:

1.    أن يكون قابلا للنقل من ذمة إلى أخرى مما يصح بيعه و تملكه

2.   أن يكون مملوكا للواهب أو المتصدق

3.   أن يكون مما ينتفع به انتفاعا شرعيا

4.   ألا يكون متصلا بملك الواهب أو المتصدق كأن يهب البناء دون الأرض

·        الصيغة: و هي كل ما دل على العطاء و القبول من قول صريح أو ضمني أو فعل و لا يضر تأخير القبول منها: تصدقت و هبت و أهجيت و لك هذا ونوى الصدقة أو الهبة ....

حكم امتلاك الصدقة و الهبة و الرجوع فيهما

·  حكم امتلاك الصدقة و الرجوع فيها:لا يجوز امتلاك الصدقة بشراء و لا بغيره, و لا يجوز الانتفاع بها كركوب دابة, أو أكل غلة الصدقة, إلا أن تعود إليه عن طريق الإرث, فله تملكها و الانتفاع بها .

و لا حق للمتصدق في الرجوع في صدقته مطلقا؛ قبل حوزها و بعده, و لا يشترط التحويز لذلك للحديث " الذي يعود في صدقته كمثل الكلب الذي يعود في قيئه " رواه البخاري

·      حكم امتلاك الهبة و الرجوع فيها: لا يجوز الرجوع في الهبة إلا فيما وهبه الأب لابنه بشروط خاصة ( و هي شروط الاعتصار) لثبوت الحديث في الأمرين

و لا يجوز امتلاكها بغير إرث إذا كانت الهبة للفقراء و اليتامى و ذوي الرحم من عمة و خالة و نحو ذلك, بخلاف الهبة لغيرهم فإنه يجوز امتلاكها و الانتفاع بها.

هبة الثواب و الفرق بينها و بين الصدقة و الهبة

     هبة الثواب: هي تمليك شيء لوجه المعطى له على أن يكافئه الموهوب له و يثيبه عليه. و أصلها الشرعي فعل الرسول صلى الله عليه و سلم : " كان الرسول صلى الله عليه و سلم يقبل الهدية و يثيب عليها " رواه البخاري: كتاب الهبة.

و الموهوب له مخير بين قبولها و ردها, فإن قبلها لزمه أن يكافئه بقيمة الموهوب, و لا  يلزمه الزيادة عليها, و لا يلزم الواهب قبول دونها.

 و إن اختلف الواهب و الموهوب له في مقتضى الهبة نظر إلى شواهد الحال: فإن كانت بين غني و فقير, فالقول قول الفقير بيمينه, فإن لم يكن شاهد حال فالقول قول الواهب بيمينه 

 

و هبة الثواب كالبيع عموما و تخالفه في أنها تجوز مع جهل عوضها و أجله وعدم رد الثواب المعيب  يعد قبوله ما لم يكن فادحا

     الفرق بين هبة الثواب و بين الصدقة و الهبة

·        هبة الثواب فيها عوض من الموهوب له فيجب علي رد مثله  أو أفضل منه, خلافا للصدقة و الهبة فلا عوض فيهما

·        هبة الثواب تصح فيها الشفعة قولا واحدا لأنها بيع, أما الهبة و الصدقة فلا شفعة فيهما و القول المشهور أنه لا شفعة في التبرعات

·        هبة الثواب يجوز امتلاكها ببيع أو هبة بخلاف الصدقة و الهبة التي يراد بها وجه الله فلا يجوز امتلاكها إلا بإرث

 

الاعتصار 

1. تعريف الاعتصار: الاعتصار لغة : الاستخراج,تقول العرب: اعتصر ماله استخرجه من يده. و في الحديث"يعتصر الوالد على ولده في ماله".

أما اصطلاحا : فهو رجوع الوالد في هبته لابنه. و قد عرفه ابن عرفة بقوله"هو ارتجاع المعطي عطيته يدون عوض لا بطوع المعطي".

2. حكم الاعتصار و حكمته: بجوز الاعتصار فيما يهبه لأولاده كبارا كانوا  أو صغارا ، و ما تهبه الأم لابنها إذا لم يقصد من الهبة ثواب الآخرة ، فما كان لله لا يجوز اعتصاره . و الأصل في جواز اعتصار الأب حديث"لا يحل لواهب أن يرجع في هبته إلا الوالد " و قيست الأم على الأب.لحكمة أن لهما ما ليس لغيرهما في مال الولد.

3. المعتصر : المعتصر في المذهب المالكي هو الأب نصا و الأم قياسا , إن كان الأب حيا, و روي عن مالك أنها لا تعتصر , و القول المختار أن لها الاعتصار مطلقا ما لم تفت الهبة بزيادة أو نقصان, فإن فاتت فلا اعتصار لها.

4.  موانع الاعتصار:

1.كونه من غير الأبوين 2.كون القصد من الهبة ثواب الآخرة , فكل ما تلفظ به بلفظ الصدقة , أو قامت قرينة تدل على الصدقة فاعتصاره ممنوع إلا أن يشترط الأب أو الأم أو الأجنبي ذلك في صلب عقدها فيعمل بالشرط 3. موت الواهب أو الموهوب له , أو مرضهما المتصل بالموت, فإن صح من مرضه العارض أو وهب بعد المرض فله الاعتصار

 4.زواج الابن لأجلها, و إذا وهب بعد الزواج فله الاعتصار 5. تداينه لأجلها , و إذا وهب بعد الدين فله الاعتصار

 6.فقر الموهوب له لأنها في معنى الصدقة 7. فوات الهبة بغير حوالة سوق.

   ملحوظة:

¨   إذا باع الأب ما وهبه  لابنه الصغير أو الكبير منع الاعتصار و الثمن مخلد في ذمته إلا أن يشهد بالاعتصار عند البيع أو قبله.

¨     إذا باع الأب الهبة لابنه بنفسه أو صيره له في مقابلة دين له عليه عد ذلك البيع اعتصارا و يكون الشيء الموهوب حينئذ داخلا في ملك الابن بطريق البيع لا الهبة فلا يحتاج إلى حوز.