الإجارة

الإجارة

تعريف الإجارة

 لغة اسم للأجرة على وزن فعالة , من أجر يأجر . و الأجر: الثواب و الجزاء الذي يؤخذ مقابل عمل
أما في الاصطلاح : " عقد بين شخصين بمقتضاه يبذل أحدهما عملا معينا مقابل أجر معلوم يلتزم به الآخر "  و عرفت فقها عند المالكية: " عقد على منافع العاقل مقابل عوض غير ناشئ عنها يتبعض عن تبعيضها 
ومحترزات هذا التعريف هي التالية
 هي عقد : أي ارتباط إيجاب بقبول على وجه مشروع يظهر أثره في محله .
-على منافع : هو احتراز من العقد على العين , فإنه يكون بيعا أو هبة وليس إجارة .

- العاقل : هو احتراز من منافع غير الآدمي كمنفعة الأشياء بموجب عقد الكراء
- مقابل عوض: هو احتراز عن المنافع التي لا عوض عنها من عقود التبرعات .
- غير ناشئ عنها: هو احتراز عن العوض الناشئ عن المنفعة كالمساقاة و القراض

-يتبعض عن تبعيضها : هو احتراز عن المنفعة التي عوضها قد يتبعض بتبعيضها كالجعل.

و عليه فيخرج من التعريف:البيع و الكراء و منافع التبرعات و المساقاة و القراض و الجعل.

حكمها:

 الجواز من القرآن والسنة , والإجماع والمعقول .

من القرآن الكريم
قول الله تعالى على لسان إحدى ابنتي شعيب عليه السلام
قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك ( القصص : 26 , 27 )
ووجه الاستدلال بالآية الكريمة هو أن الله سبحانه وتعالى قص علينا خبر تأجير موسى عليه السلام نفسه لرعي الغنم بأجرة معلومة , وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ , فدل ذلك على جواز الإجارة .
وقوله تعالى :
فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ( الطلاق : 6 )
وفي هذه الآية أمر بإيتاء الأجر إذا أرضعت المرأة الطفل .
وهذا دليل على مشروعية الإجارة

الدليل من السنة الشريفة
قوله صلى الله عليه وسلم : " أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه "وهذا حديث رواه أبو يعلى في مسنده من حديث أبي هريرة وروى عن آخرين .
وقوله صلى الله عليه وسلم : "من استأجر أجيرا فليعلمه أجره ".
وهذان الحديثان يدلان على جواز الإجارة , لأن فيهما الأمر بإعطاء الأجير أجرته وإعلامه بمقدارها
.
الدليل من الإجماع
فقد أجمع السلف الصالح من الصحابة والتابعين على جواز الإجارة
يقول الإمام الكاساني وأما الإجماع فإن الأمة أجمعت على ذلك قبل وجود الأصم حيث يعقدون عقد الإجارة من زمن الصحابة إلى يومنا هذا من غير نكير فلا يعبأ بخلافه , إذ هو خلاف الإجماع .

حكمة مشروعيتها:

 التعاون بين الناس في تكامل منافعهم و دفع حاجاتهم واستفادة كل واحد من خدمات الآخر؛ فالناس بحاجة إليها كحاجتهم إلى الأعيان , لتوفير عمل أصحاب الصنائع بأجر , ولا يمكن كل أحد عمل كل عمل و صنع كل صنعة  , ولا يجد متطوعا به , فلا بد من الإجارة لذلك , بل ذلك مما جعله الله طريقا للرزق , حتى إن أكثر المكاسب بالصنائع كما قال ابن قدامة .
لزومها

الإجارة عقد لازم يلزم المتعاقدين بمجرد العقد و لا يجوز لأي منهما أن يرجع عنها سواء شرع العامل في العمل أم لا. و هي على قسمين:

1.    إجارة معينة : و هي التي يكون فيه العقد على عمل الشخص بنفسه, فلا يجوز له أن ينيب غيره في القيام به

2.    إجارة مضمنة : و هي التي يكون فيه التعاقد على العمل مطلقا و يجوز أن ينيب غيره فيه للقيام به.

أركانها و شروطها

1.    المتعاقدان ( المستأجر و الأجير) فالأول يقدم الأجرة و الثاني هو الذي يبذل العمل و يشترط فيهما ما يشترط في المتبايعين, فإن عقدها الصغير المميز صح العقد و توقف نفاذه على إذن وليه, إن لم يكن قد شرع في العمل. فإن عمل صح العقد و للصبي أن يأخذ الأفضل بين الأجرة المتعاقد عليها و بين أجرة المثل.

2.    المعقود عليه ( العمل و الأجرة )  و يشترط فيهما ما يشترط في المبيع و لثمن ك بأن يكونا معلومين, و طاهرين, و منتفع بهما, و مقدرا على تسليمهما و تسلمهما

3.    الصيغة : و هي كل ما يدل على رضا الطرفين بالإجارة من إيجاب و قبول : كأن يقول المستأجر للأجر استأجرتك على صباغة منزلي بكذا فيقول الأجير قبلت أو ما يدل على رضاه
ما به يتم تعيين العمل و الأجرة

يتم تحديدهما إما باتفاق الطرفين و إما بالعادة و العرف ويجوز التساهل في الجهل بالأجرة إذا كان تافها ينبني في الغالب على المكارمة  كأجرة الحمال و ما شبهه

ويتم تعيين الأجرة بمشاهدتها إن كانت حاضرة في مجلس التعاقد , وبوصفها قدرا و جنس وصفة إن كانت غائبة . أما العمل فيعين إما بإنهائه و الفراغ منه وإما بتحديد الأجل :

-       إذا كان العمل صناعة جاز تعيينه بالفراغ منه أو بالأجل إذا كان العمل غير صناعة عين بالأجل فقط

واختلف في الجمع بين الأجل و الفراغ من العمل و المشهور أنه لا يجوز إلا إذا كان الأجل أكثر من العمل .  

ما يترتب على عدم إنهاء العمل

يختلف حكمه من حيث ما يترتب عليه إن كان لعذر أو لعدم

1-   إذا عاقه عن العمل عائق ( المرض و نحوه ) و استمر طيلة المدة المتبقية من الإجارة استحق من الأجرة بقدر عمله . فان زال العائق قبل أن تمضي مدة الإجارة أجبر العامل على إتمام هذه المدة إلا إذا تراضيا على فسخ المدة

2-   إذا ترك العمل دون عذر   ففيه أقوال ثلاثة : قيل له من الأجرة بقدر عمله وقيل لا شيء له . وقيل له قيمة عمله بالنظر إلى القدر المنجز و إلى القدر الباقي منه لأن العمل يختلف من مرحلة إلى أخرى فوجب أن تعط له الأجرة بالنظر إلى المرحلة التي أنجزها في العمل .