التّفليس

التّفليس 

 تعريفه

التّفليس : مصدر فلّست الرّجل ، إذا نسبته إلى الإفلاس . -و الإفلاس مصدر أفلس ، وهو لازمٌ ، يقال : أفلس الرّجل إذا صار ذا فلوسٍ بعد أن كان ذا ذهبٍ وفضّةٍ ، أو صار إلى حالٍ ليس له فلوسٌ  والفلس: عدم المال 

و التفليس اصطلاحاً : جعل الحاكم المدين مفلساً بمنعه من التّصرّف في ماله . .

قال ابن عرفة : في تعريفه له: ”حكم الحاكم بخلع كل ما لمدين لغرمائه لعجزه عن قضاء ما لزمه    و المفلس : المدين الذي قصر ما بيده من المال   عما يثقل  كاهله من الديون

مشروعيته

ذهب الجمهور إلى جواز ذلك مستدلّين بحديث معاذٍ : « أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم حجر عليه ، وباع ماله في دينٍ كان عليه ، وقسمه بين غرمائه ... »

و قوله صلى الله عليه و سلم: ”من أدرك ماله عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره“ رواه البخاري و مسلم. وكذلك أثر أسيفعٍ : أنّه كان يشتري الرّواحل ، فيغالي بها ، ثمّ يسرع في السّير فيسبق الحاجّ ، فأفلس ، فرفع أمره إلى عمر بن الخطّاب فقال : ، فمن كان له دينٌ فليأتنا بالغداة  نقسم ماله بين غرمائه ، وإيّاكم والدّين ... )

بعض أحكامه

آثار الحجر على المفلس

إذا حجر القاضي على المفلس ، تعلّق بذلك من الآثار ما يلي :

أ - تتعلّق حقوق الغرماء بماله ، ويمنع من الإقرار على ذلك المال والتّصرّف فيه .

ب - انقطاع الطّلب عنه بدينٍ جديدٍ بعد الحكم بالإفلاس .

ج - حلول الدّين المؤجّل في ذمّة المدين .

د - استحقاق من وجد عين ماله عند المدين استرجاعه .

هـ-استحقاق بيع مال المفلّس وقسمه بين الغرماء .

تحديد مال المفلس

 المعتبر من مال المفلس ما وجد تحت يده بعد إفلاسه ولا يجبر على قبول التّبرّعات ، من هبةٍ أو وصيّةٍ أو عطيّةٍ أو صدقةٍ ، لئلاّ يلزم بتحمّل منّةٍ لا يرضاها ، ولا على استرجاع الهبات التي وهبها لابنه قبل إفلاسه , ولا يترك من ماله بعد تحديده إلا ما يكفيه في نفقته ونفقة من تلزمه نفقتهم ثم يقسم الثمن على الغرماء , كل واحد يأخذ ماله إن وسعهم جميعا و إلا تقاسموه فيما بينهم محاصصة , فإن لم يكن له مال أصلا فنظرة إلى ميسرة

-حكم تصرّفات المفلّس  في ماله له ثلاثة حالات :

1. قبل قيام الدائنين عليه : تصح تصرفاته العوضية , و لا يجوز له أن يتبرع من ماله كهبته لماله ، ووقفه له ، وتصدّقه به ، والإبراء منه ، وسائر التّبرّعات, فإن فعل فللدائنين ردها إن لم يطلعوا عليها إلا بعد قيامهم

2. بعد قيام الدائنين و قبل حكم الحاكم بإفلاسه: لا يجوز له أن يتصرف  في ماله  عوضيا كان أو غير عوضي , و لا يجوز له أيضا أن يقضي بعض ديونه دون بعض

3. بعد حكم الحاكم بخلع ماله عليه : لا يجوز له أن يتصرف  في ماله  عوضيا كان أو غير عوضي , و لا يجوز له أيضا أن يقضي بعض ديونه دون بعض, و إذا استدان فإن الدائن الجديد لا يدخل مع الدائنين الأولين

 

 مراتب الدائنين

كل من له دين على المفلس يعد من الغرماء ,سواء كان قليلا أو كثيرا, حل أجله او لا. و الغرماء صنفان

· الصنف الأول: أصحاب الضمانات و الامتيازات و هؤلاء يقدمون على غيرهم   و يأخذون ديونهم قبل أن تباع أموال المفلس لأن في أيديهم ضمانات للحصول على ديونهم ومنهم : صاحب رهن, و الأجير في صنع شيء أو إصلاح شيء و الشيء المصنوع أو المصلح ما زال  تحت يده , و الأجير في الغنم إذا كان الغنم في حوزته, و البائع الذي يجد متاعه بعينه عند المفلس

· الصنف الثاني : الغرماء العاديون الذي يأخذون ديونهم من ثمن مبيعات المفلس: و يأخذون دينهم كاملا إذا غطى هذا الثمن جميع الديون و إلا أخذ كل واحد منهم بحسب دينه إذا لم يغط الثمن جميع الديون

 ما يطالب به المفلّس بعد قسمة ماله :

لا تسقط ديون الفلس الّتي لم يف ماله بها ، بل تبقى في ذمّته .

  وأمّا المالكيّة فقد أطلقوا القول بأنّ المفلّس لا يلزم بالتّكسّب ولو كان قادراً عليه ، ولو كان قد شرط على نفسه ذلك في عقد الدّين . قالوا : لأنّ الدّين إنّما تعلّق بذمّته .

  ثمّ قال المالكيّة والحنابلة : لا يجبر المفلّس على قبول التّبرّعات ، من هبةٍ أو وصيّةٍ أو عطيّةٍ أو صدقةٍ ، لئلاّ يلزم بتحمّل منّةٍ لا يرضاها ، ولا على اقتراضٍ . وكذا لا يجبر على خلع زوجته وإن بذلت ، لأنّ عليه في ذلك ضرراً

 

ما ينفكّ به الحجر عن المفلّس :

عند المالكيّة ، حجر المفلّس ينفكّ بمجرّد قسمة الموجود من ماله . ويحلف أنّه لم يكتم شيئاً ، فينفكّ حينئذٍ ولو بلا حكم حاكمٍ . وإذا انفكّ الحجر عن المفلّس ، ثمّ ثبت أنّ عنده مالاً غير ما قسم ، أو اكتسب بعد فكّ الحجر مالاً ، يعاد الحجر عليه بطلب الغرماء ، وتصرّفه حينئذٍ قبل الحجر صحيحٌ . ولا يعاد الحجر عليه بعد انفكاكه ما لم يثبت أو يتجدّد له مالٌ