الزكاة

الزكاة

تعريف الزكاة:
الزكاة في اللغة الزيادة والنماء و الطهارة

وفي الاصطلاح الشرعي:‏
‏ حق واجب في مال مخصوص لطائفة مخصوصة في وقت معين أو هي: " جزء مخصوص يؤخذ من مال مخصوص إذا بلغ قدرا مخصوصا في وقت مخصوص يصرف في جهات مخصوصة

شرح التعريف:

·         المراد بالجزء المخصوص :هو حق مقدر من الشرع لمستحقيه من مصارف الزكاة

·         المراد بالمال المخصوص : هو المال الذي تجب فيه الزكاة من عين و ماشية و زرع و حبوب      و عروض تجارة و غيرها من الأموال التي تجب فيها الزكاة

·         المراد بالقدر المخصوص: هو نصاب المال و الماشية و عروض التجارة و الزرع و الحبوب الذي جعله الشرع كحد أدنى بموجبه يلزم المسلم بإخراج الزكاة

·         المراد بالوقت المخصوص : هو وقت وجوب إخراج الزكاة

·         المراد بالجهات المخصوصة : هي مصارف الزكاة من الفقراء و المساكين و العاملين على الزكاة والمؤلفة قلوبهم و في الرقاب و الغارمين و في سبيل الله

حكم الزكاة

‎‎ الزكاة واجبة وجوب عين بالكتاب والسنة والإجماع، وهي أحد أركان الإسلام الخمسة، وهي قرينة الصلاة في كتاب الله.شرعت وجوبا في السنة الثانية من الهجرة ‏

‎‎ فمن الكتاب:‏

‎‎ قال تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة }    [البقرة: 43].‏

‎‎ وقال تعالى: {وما أمروا إلا ليعبد الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة } [البينة: 5]. ‏

‎‎ وقال تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } [التوبة:103].‏

‎‎ ومن السنة:‏

‎‎ عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحـق الإسلام، وحسابهم على الله ) متفق عليه.‏

‎‎ وعن أبي هريرة، رضي الله عنه: (أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته، دخلت الجنة. قال "تعبد الله  لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم  رمضان" قال:  والذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا. فلما ولى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ) متفق عليه.‏

 

حكم الممتنع عن أداء الزكاة مع الإنكار لوجوبها :

يختلف حسب حاله إن كان ممن لا يخفى عليه أمرها حكم بكفره وقوتل على منعها. فإن كان يخفى عليه أمرها، لا يحكم بكفره، بل يعرف بوجوبها عليه وتؤخذ منه قهراً، فإن جحدها بعد ذلك حكم بكفره وقوتل عليها لقيام الحجة عليه.‏

حكم الممتنع عن أدائها بخلاً بها مع اعترافه بوجوبها :

لا يحكم بكفره، بل تؤخذ منه قهراً، ويعزر إن لم يكن له عذر، ويصرفها الإمام العادل في مصارفها الشرعية. أما إن كان له عذر، بأن كان الإمام ظالماً يأخذ أكثر من الواجب، أو يصرفها في غير مصارفها الشرعية فإنه يؤمر بإخراجها، ويحذّر عاقبة منعها، ولا يلزمه دفعها إلى الإمام الظالم.‏

‎‎ دور الزكاة الاقتصادي و الاجتماعي و التعبدي الأخلاقي

1. دور الزكاة الاجتماعي نلخصه فيما يلي:

  • الزكاة وسيلة من وسائل الضمان الاجتماعي: فهي تشغل العاطل و تساعد العاجز و تعون المحتاج من فقير و مسكين و مدين
  • الزكاة مورد أساس للكفالة الاجتماعية المعيشية : بها يتحقق التكافل بين القادرين و العاجزين سواء كان العجز فرديا أو ناشئا عن خلل اجتماعي أو عن ظروف عارضة
  • الزكاة تقوي الروابط بين أفراد المجتمع؛ فقرائهم و أغنيائهم: فيسود بينهم روح التعاطف و المودة و تقل أو تنعدم  الأحقاد و الضغائن
  • مساهمة الزكاة في حماية المجتمع من الفساد و الجرائم الخلقية التي قد تنشأ عن الفقر و الحاجة
  • الزكاة تنمي الروح الاجتماعية بين الأفراد:‏ تجعل المزكي بعضويته الكاملة في الجماعة، فهو يشترك في واجباتها وينهض بأعبائها، فيتحول المجتمع إلى أسرة واحدة يسودها التعاون والتكافل والتعاطف كما في الحديث الشريف: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) متفق عليه.‏
    ‎‎   2. دور الزكاة الاقتصادي : نلخصه فيما يلي:
  • في الزكاة تشجيع على الاستثمار و صمام أمام في النظام الاقتصادي و مدعاة لاستقراره و استمراره:‏ و بيان ذلك أن كنز المال حرام شرعا و لتفادي ذلك وجب إخراج الزكاة؛ فكان لزاما على المزكي أن يستثمر أمواله حتى لا تأكله الزكاة و بذلك يحافظ على رأسماله و يعمل على تنميته ليتحقق فائض يؤدي منه الزكاة لمستحقيها  و هؤلاء بدورهم ينمون أمولاهم مما يؤدي إلى دوران رأس المال و تحريكه
  • في الزكاة محاربة للبطالة تضيق على عناصر الإنتاج وحث على العمل والجد والمثابرة: يعتبر نقل ملكية جزء من المال عن طريق الزكاة من الأغنياء إلى المستحقين لها حثاً لهم على العمل والجد والمثابرة والولاء للمجتمع، وبذلك تزيد كفايتهم الإنتاجية،و تشغل الطاقات العاطلة ويكون مردود ذلك كله على المجتمع الذي تنحسر فيه البطالة، ويرتفع مستوى الدخل
  • للزكاة أثر كبير في توزيع الدخل و الثروة على أساس عادل: مما يؤدي إلى تداول الأموال فيزيد الإنتاج و يتحسن الخل الفردي و ينخفض التضخم و يزدهر الاقتصاد القومي.
  • بعض أحكام الزكاة لها تأثير دائم نحو الحد من الركود الاقتصادي: و بيان ذلك أن بفضل سهم الغارمين من الزكاة لن تتعطل أعمالهم أو تجارتهم مما يؤدي إلى زيادة الإنتاج و الحد من الركود الاقتصادي

3. دور الزكاة التعبدي الأخلاقي

·         الزكاة عبادة مالية و شكر للنعمة:هي عبادة في حق الغني و شكر النعمة في حق الغني و الفقير و تطهير للنفس من داء البخل في حق الغني و من داء الحسد و الضغن في حق الفقير

  • الزكاة تطهير للمال و إنماء له و حفظا له من الآفات : ‏ و في الحديث: " ما نقصت صدقة من مال"
  • الزكاة تكفر الخطايا وتدفع البلاء:‏ الزكاة تكفر الخطايا وتدفع البلاء، وتقع فداء عن العبد، وتجلب رحمة الله، قال تعالى : ‏ {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ … } [الأعراف: 156].‏
    شروط الزكاة

 *  الملك التام للمال: ‏
والمراد بالملكية التامة هنا: أن يكون المال بيد الفرد، ولا يتعلق به حق لغيره من البشر، وأن يتصرف فيه باختياره، وأن تكون فوائده حاصلة له.‏

‎‎ وبهذا الشرط تخرج أموال كثيرة لا تجب فيها الزكاة لعدم تحقق الملك التام فيها، من ذلك ما يأتي:‏

1. المال الذي ليس له مالك معين، وذلك كأموال الدولة التي تجمعها من الزكوات أو الضرائب أو غيرها من الموارد فلا زكاة فيها، لأنها ملك جميع الأمة، ومنها الفقراء.‏

2. الأموال الموقوفة على جهة عامة كالفقراء، أو المساجد، أو المجاهدين، أو اليتامى، أو المدارس، أو غير ذلك من أبواب الخير، فالصحيح أنه لا زكاة فيها.‏

3. المال الحرام وذلك مثل: المال الذي يحصل عليه الإنسان عن طريق الغصب والسرقة أو التزوير والرشوة والاحتكار والربا والغش ونحوها من طرق أخذ المال بالباطل، إذ يجب على آخذه أن يعيده إلى أربابه أو إلى ورثتهم، فإن لم يعلمهم فيعطيه الفقراء برمته، ولا يأخذ منه شيئاً، ويستغفر ويتوب إلى الله، فإن أصر وبقي في ملكيته وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة.‏

  * نماء المال:‏
‏ المقصود بالنماء هنا: أن يكون المال من شأنه أن يدر على صاحبه ربحاً وفائدة، أو يكون المال نفسه نامياً. وعلى هذا قسم علماء الشريعة المال النامي إلى قسمين:‏

1. نماء حقيقي: كزيادة المال ونمائه بالتجارة أو التوالد كتوالد الغنم والإبل.‏

2. نماء تقديري: كقابلية المال للزيادة فيما لو وضع في مشاريع تجارية، كالنقد والعقار، وسائر عروض التجارة.‏

‎‎ وبناء على ذلك فقد قرر الفقهاء رحمهم الله أن العلة في إيجاب الزكاة في الأموال هي نماؤها في الواقع، أو إمكانية نموها في المستقبل لو استثمرت. وعليه فلا تجب الزكاة في الأموال التي ادخرت للحاجات الأصلية كالطعام المدخر، وأدوات الحرفة وما يستعمله الصانع في صنعته التي تدر عليه ما يكفيه وما ينفق منه، ودواب الركوب، ودور السكنى، وأثاث المساكن، وغير ذلك من الحاجات الأصلية، وكذا الحلي المستعمل. والأحوط إخراج الزكاة فيه خروجاً من الخلاف لمن يقدر على ذلك.‏

  * بلوغ المال نصاباً:‏
‏ اشترط الإسلام في المال النامي الذي تجب فيه الزكاة أن يبلغ نصاباً، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتحديد النصاب، وإعفاء ما دونه من الزكاة.‏

  * حولان الحول على المال:
‏ وذلك بأن يمر على المال في حوزة مالكه اثنا عشر شهراً قمرياً، وهذا الشرط خاص بالأنعام والنقود والسلع التجارية، أما الزروع والثمار والعسل والمستخرج من المعادن والكنوز ونحوها فلا يشترط لها الحول.‏

  * وصول الساعي إلى محل الماشية : و إذا تعذر وصوله , و جبت الزكاة بتمام الحول

  * عدم الدين: فإن الدين يسقط زكاة العين سواء كان حالا أو مؤجلا , غير أنه إذا كان للمدين مال آخر يمكن بيعه و يفي بقيمة الدين , و جبت الزكاة و لزمته

  * أن يكون المال فاضلاً عن حوائجه الأصلية:‏
لأن المال الفاضل عن الحوائج الأصلية يتحقق به الغنى، أما المال المحتاج إليه حاجة أصلية فلا يكون صاحبه غنياً به، وقد فسر الفقهاء رحمهم الله الحاجة الأصلية تفسيراً علمياً دقيقاً فقالوا هي: ما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقاً كالنفقة ودور السكنى وآلات الحرب والثياب المحتاج إليها لدفع الحر والبرد، أو تقديراً كالدين. فإن المدين يحتاج إلى قضائه بما في يده من النصاب، وكآلات الحرفة وأثاث المنزل ودواب الركوب وكتب العلم لأهله.‏‏

تعجيل الزكاة و تأخيرها

لا يجوز تأخير إخراج الزكاة إذا استحقت بل يجب إخراجها و تسليمها إلى مستحقيها على الفور مع القدرة على ذلك ,و يجوز تأخير إخراجها لعذر أو مصلحة معتبرة كتأخيرها إلى قريب ذي حاجة لما له من الحق المؤكد

و اختلف العلماء في  تعجيل إخراج الزكاة عن وقتها ,و ذهبت المالكية إلى المنع قبل الحول بوقت طويل قولا واحدا, و عللوا ذلك أن الزكاة عبادة محددة بوقت و هو الحول فلم يجز تقديمها عليه. و المشهور عندهم جواز تقديمها بوقت يسير و هو قول المدونة , و اليسير ما بين اليومين و الشهرين .