القراض
تعريف القراض
القراض لغة مشتق من القرض و هو القطع يقال قرض الفأر الثوب إذا قطعه ، فكأن صاحب المال اقتطع من ماله قطعة وسلمها إلى العامل واقتطع له قطعة من الربح. و قيل مأخوذ من القرض بمعنى ما يجازى عليه الرجل من خير أو شر
القراض اصطلاحا: قال خليل في مختصره : " القراض توكيل على التجار في نقد مضروب مسلم بجزء من ربحه إن علم قدرهما " و عرفه ابن عرفة بقوله: " تمكين مال لمن يتجر به بجزء من ربحه لا بلفظ تجارة " فالقراض شركة في الربح لا في رأس المال أحدهما يقدم مالا و الآخر خبرته و عمله في التجارة فالعامل -المقارض أو المضارب- يستحق حصته في الربح جزاء عمله في المال , و بذلك يشبه القراض الإجارة.
و القراض والمضاربة بمعنى واحد إلا أن أهل العراق يسمونه مضاربة ولا يقولون قراضاً . بينما أهل الحجاز يسمونه قراضاً ومنه المضاربة في المال كقوله تعالى : " وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا الصلاة ". أي : سافرتم في البلاد . وقوله تعالى : " وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله " .
حكمه و دليل حكمه
الجواز بأدلة ظاهر الكتاب و السنة التقريرية و آثار الصحابة و المعقول.
من الكتاب :
قال الله تعالى : " وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله "
وقال تعالى : " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله " وجه الاستدلال : قال القرطبي : هذا أمر إباحة معناه إذا فرغتم من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرف في حوائجكم " وابتغوا من فضل الله " أي من رزقه . والمضاربة نوع تجارة فدل على جوازها
من السنة التقريرية فقد أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بعد بعثته تعاملهم بالمضاربة فلم ينكر عليهم ، مما ألفوه في جاهليتهم من التعامل بالمضاربة و قد ضارب صلى الله عليه و سلم بمال خديحة رضي الله عنها قبل البعثة
أثار الصحابة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده : أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أعطاه مالاً قراضاً يعمل فيه على أن الربح بينهما
الإجماع : لقد تعامل المسلمون بالمضاربة منذ البعثة إلى وقتنا الحاضر من غير نكير ومثل هذا يكون إجماعاً
قال الشوكاني بعد أن نقل آثار الصحابة التي تدل على تعاملهم بالمضاربة :" إن هذه الآثار تدل على أن المضاربة كان الصحابة يتعاملون بها من غير نكير فكذلك إجماعاً منهم على الجواز .
الغاية من تشريعه
القراض من العقود المستثناة من الإجارة بمجهول و شرع لحاجة الناس إليه
قال في المقدمات لابن رشد : " القراض مما كان في الجاهلية فأقر في الإسلام لأن الضرورة دعت إليه لحاجة الناس إلى التصرف في أموالهم وتنميتها بالتجارة فيها وليس كل أحد يقدر على ذلك بنفسه . فاضطر فيه إلى استنابة غيره ولعله لا يجد من يعمل له فيه لهذه الضرورة واستخرج بسبب هذه العلة من الإجازة المجهولة على نحو ما وخص في المساقاة وبيع العرية والشركة في الطعام والتولية فيه " .
قد شرع الإسلام القراض وأباحه تيسيراً على الناس . فقد يكون بعضاً منهم مالكاً للمال ولكنه غير قادر على استثماره . وقد يكون هناك من لا يملك المال ، لكنه يملك القدرة على استثماره . فأجاز الشرع هذه المعاملة لينتفع كل واحد منهما - المضارب ، رب المال - فرب المال ينتفع بخبرة المضارب ، والمضارب ينتفع بالمال ،ويتحقق بهذا تعاون المال والعمل .
و قد اتسع نطاق العمل بالقراض اليوم حتى أصبح موردا لتحقيق الازدهار الاقتصادي و النماء الفردي و الجماعي( التنمية البشرية)
شروط القراض:
- أن يكون رأسماله نقداً . وهو الدراهم والدنانير المضروبة ، ودليله الإجماع ، و يفسد إن كان عروضا أو طعاما أو حيوانا
- أن يكون رأس ماله حاضرا أثناء التعاقد: و يفسد القراض إن كان دينا سواء كان في ذمة العامل أو في ذمة غيره
- أن يكون معلوماً صفة و قدرا فلا يصح إن كان مجهولا حبث لا يتميز رأس المال الذي يتجر فيه من الربح الذي يوزع بين الشريكين بما اتفق عليه في العقد
- أن يكون الجزء المتفق عليه بينهما معلوما مشاعا: و يفسخ إن كان مجهولا أو مقدرا معينا بعدد, و للعامل بعد عمله قراض مثله.
- أن يكون رأس المال مسلماً إلى العامل ، ويستقل باليد عليه والتصرف فيه . فلو شرط المالك أن يكون الكيس في يده ، ويوفي منه الثمن إذا اشترى العامل شيئاً ، فسد القراض .
موانع القراض
- اشتراط أحد المتعاقدين اختصاصه بشيء دون الآخر زيادة على الأجر المتفق عليه, فإن حدث فسخ العقد و للعامل أجرة مثله
- اشتراط رب المال ضمان العامل رأس ماله في خسارة أو تلف و عدم تصديقه إذا ادعى ذلك.
- ضرب رب المال للعامل أجلا ينتهي فيه عمله. فإن عمل العامل به فسخ القراض و له قراض مثله
ما يترتب على فساد عقد القراض
يفسد القراض إذا اختل فيه شرط من شروطه أو وجد مانع من موانع, و إذا اطلع عليه بعد شروع العامل في العمل فهل له أجرة المثل أو قراض المثل على ثلاثة أقوال:
- قيل له أجرة مثله التي تؤخذ عن هذا العمل
- قيل له أجرة قراض مثله من نسبة الربح التي تؤخذ عن هذا العمل
- قيل بحسب الصور ففي بعضها يعطى له أجرة المثل و في أخرى يعطى له قراض المثل و هو منسوب لابن القاسم من المالكية.
ما يترتب على القول بأجرة المثل و القول بقراض المثل
- أجرة المثل تكون دينا في ذمة رب المال يؤديها للعامل مطلقا: نتج عن عمله ربح أم لا. أما قراض المثل فإنما يكون في الربح إن نتج عن العمل و إلا فلا شيء له.
- أجرة المثل يعامل العامل بموجبها واحدا من الدائنين يحاصصهم لو أفلس رب المال أو مات إذا لم تستوف أواله جميع الديون .أما في قراض المثل يكون مقدما عليهم و هو بمثابة دائن ذي رهن
- في أجرة المثل يفسخ القراض دائما قبل الشروع في العمل و بعده أما في قراض المثل فإنه يفسخ قبل الشروع في العمل و يفوت بالعمل و لا يعمل بالمانع