القرض
1.تعريف القرض: القرض لغة: القطع، لأن المُقرض يقطع شيئاً من ماله يعطيه للمُقْتَرِضْ.
القرض شرعاً: دفع مال لمن ينتفع به، ثم يرد بدله إليه. و قال ابن عرفة: " هو دفع متمول في عوض غير مخالف له عاجلا تفضلا "
2.مشروعيته و حكمة مشروعيته: القرض مشروع بالقرآن و بالسنة والإجماع فإن النبي صلى الله عليه وسلم استقرض بكراً من الإبل وردّ جملاً خياراً، وقال : " إن من خير الناس أحسنهم قضاء ) "رواه البخاري).
و القرض قربة يتقرب بها العبد إلى الله سبحانه لما فيه من الرفق بالناس والرحمة بهم، وتيسير أمورهم، وتفريج كربهم. قال صلى الله عليه وسلم : من نفّس عن مُسلم كُربة من كُرب الدنيا، نفّس الله عنه كربة من كُرب يوم القيامة، ومن يسّر عن معسر، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، واللهُ في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه (رواه مسلم(.
وقال صلى الله عليه وسلم : كل قرض صدقة رواه الطبراني بإسناد حسن.
3.حكمه: الندب بالنسبة للمقرض, و قد يكون واجبا في مجاعة أو نحوها. و هو مباح في حق المقترض , و لم يجعل ذلك الشرع من باب المسألة المكروهة, لأنه يأخذ المال ينتفع به ثم يرد مثله, و قد تكفل الله بإعانته على رده إن حسنت نيته أخذا و ردا , لحديث وسلم" : من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله" (رواه البخاري)
4.شروطه
ويُشترط لصحة القرض أن يكون المقرض ممن يصح تبرعه، فلا يجوز لولي اليتيم مثلاً إن يقرض عن مال اليتيم، وكذلك يُشترط معرفة قدر المال المدفوع في القرض، ومعرفة صفته أو سنه إن كان حيواناً، ليتمكن من ردّ بدله إلى صاحبه.
يصح القرض في كل عين يصح بيعها، مثل: الثياب، والحيوان، والمكيل، والموزون، والمعدود، والمتقارب، كالبيض، والورق من مقاس واحد، و الذرعي كالقماش، وجاز قرض الخبز وزناً وعدداً لحاجة الناس إليه.
5.اشتراط المنفعة في القرض
إن المقصود من عقد القرض الرفق بالناس، ومعاونتهم على شؤون عيشهم، وتيسير وسائل حياتهم، وليس وسيلة للاستغلال، ولهذا لا يجز أن يردّ المقترض للمقرض إلا ما أقرضه منه أو مثله عملاً بالقاعدة الفقهية القائلة: "كل قرض جرّ نفعاً فهو ربا".
والحرمة مقيدة هنا بما كان نفع القرض مشروطاً أو متعارفاً عليه، فإن لم يكن مشروطاً ولا متعارفاً عليه، كانت الزيادة جائزة، ودليل ذلك حديث أبي رافع- رضي الله عنه- قال: استلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل بَكْراً فجاءته إبل الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكراً، فقلت: لم أجد في الإبل إلا جملاً خياراً رباعياً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم" : أعطه إياه فإن خيركم أحسنكم قضاء"رواه احمد ومسلم.
بكراً: ناقة، الخيار: المختار، الرباعي: الذي استكمل ست سنين ودخل في السابعة.
وعن جابر بن عبد الله- رضي الله عنهما- قال : كان لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم حق فقضاني وزادني رواه البخاري.
6. أجل رد القرض و مكانه
- يجوز تأجيل القرض إلى أجل معلوم و لا يحق للمقرض المطالبة به قبل حلول الأجل المتفق عليه أو المحدد بالعادة , كما لا يجوز له أن يجبره على الأداء في غير بلد القرض و لو بعد حل الأجل إن كان القرض غير عين.
- يجوز للمقترض أن برد القرض قبل الأجل, و له أن يجبر المقرض على قبضه إن كان الأداء ببلد القرض, عينا كان المال أو عرضا.أما إذا كان ببلد آخر فلا يجبره إلا بشرطين:
- أن يكون مال القرض عينا لا يحتاج نقله إلى نفقة
- أن يكون مكان الرد آمنا( لا يخاف فيه المقرض على ماله )
إفادات
التعجيل بقضاء الدين قبل الموت: بعض الناس يتساهل في الحقوق عامة ، وفي شأن الدين خاصة، وهذه خصلة ذميمة، جعلت كثيراً من الناس يحجمون عن بذل القروض والتوسعة على المحتاجين، فيجب على المقترض الاهتمام بأداء ما عليه من دين القرض ورده إلى صاحبه، من غير مماطلة ولا تأخير، حينما يقدر على الوفاء لقوله تعالى: { هَلْ جَزاءُ الإحْسانِ إلاّ الإحْسَانُ } [الرحمن: 60]
وقوله تعالى : { إِنّ اللهَ يأْمُرُكُمْ أن تُؤَدّوا الأَمَانات إِلى أَهْلِها } [النساء: 58].
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : « مطل الغني ظلم.. » [متفق عليه].
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله » [رواه البخاري]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : « من فارق الروح الجسد، وهو بريء من ثلاث، دخل الجنة: من الكبر، والغلول، والدّيْن » [رواه ابن ماجه وصححه الألباني]، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : « نفس المؤمن معلقة بدَيْنِه حتى يقضى عنه » [رواه الترمذي وصححه الألباني].
استحباب انظار المعسر: قال الله تعالى : { وَإنْ كَانَ ذُو عُسْرةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدّقُوا خَيْرٌ لّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } [البقرة:280].
قال السعدي- رحمه الله-: "أي: وإن كان الذي عليه الدين معسراً، لا يقدر على الوفاء، وجب على غريمه أن ينظره إلى ميسرة. وهو يجب عليه إذا حصل له وفاء بأي طريق مباح، أن يوفي ما عليه، وإن تصدق عليه غريمه، بإسقاط الدين كله أو بعضه- فهو خير له..." [تفسير السعدي 128].
وعن أبي قتادة- رضي الله عنه- أنه طلب غريماً له، فتوارى عنه، ثم وجده، فقال: إني معسر. قال: آالله؟ قال: آالله. قال: فإنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر، أو يضع عنه » [رواه مسلم].
حبس القادر إذا امتنع: لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لَيُّ الواجد يُحِل عرضه وعقوبته » [رواه الترمذي والنسائي].