المزارعة
تعريف المزارعة
لغة مأخوذة من الزرع. و اصطلاحا "المزارعة هي دفع الأرض لمن يزرعها على ما يتفقان عليه،" فهي عقد شركة في الزرع بمقتضاه يقدم أحد المتعاقدين الأرض و الآخر يقدم العمل مقابل نصيب مشاع من الإنتاج كالنصف و الثلث مثلا
مثال لصورتها: أن يكون لك أرض لا تقدر على الزرع فيها، وهناك رجلٌ لا يملك أرضاً ولكنه متفرغ يحسن أن يزرعها، فتتفقان على أن منك الأرض ومنه الزرع، وأن لك نسبة من هذا الزرع؛ إما الثلث أو الربع أو النصف، بقدر ما تتفقان عليه، فلا بأس بذلك. و يجوز أن تدفع شيئاً ويدفع هو شيئاً، فمثلاً: إذا دفعت أنت البذر وزدت في نصيبك جاز ذلك
حكمها
الجواز و هي من العقود المستثناة و الأصل في مشروعية المزارعة حديث ابن عمر في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- " أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع " متفق عليه
حكمة مشروعيتها :
التيسير على الناس و رفع الحرج عنهم:
تشجيع استثمار الأرض بزراعتها ، لتوفير ما يحتاجه الإنسان من غذاء كالقمح وكساء كالقطن .
التعاون بين الناس في مجال زراعة الأرض ، فقد لا يستطيع مالك الأرض ، أو صاحب الشجر، القيام بما يلزم أرضه وشجره من أعمال الزراعة والسقاية ، بينما يتيسر ذلك لمن ليس له أرض من أصحاب الخبرة ، فيتعاون الطرفان بأن يقدم صاحب الأرض أرضه ، أو صاحب الشجر شجره ، ويقدم الآخر جهده وخبرته
أركانها و شروطها
1.متعلق العقد و يشمل العمل (العامل) و الأرض (صاحبها) و البذور( من العامل أو المالك أو منهما معا )
2.الصيغة وهي ما يدل على رضا الطرفين و تلزم المزارعة بمجرد التعاقد
ويشترط لصحة عقد المزارعة:
أن تكون الأرض معلومة وصالحة للزراعة.
أن تسلم المعاملة من كراء الأرض بما يخرج منها فلا يجوز أن تكون البذور أو جزء منها في مقابلة كراء الأرض أو جزء منها
أن يعين نوع الزرع وجنس البذر أو يترك الخيار للمزارع في زراعة ما يشاء.
أن يتماثل ما يقدمه الطرفان من البذور جنسا بأن يخرجا معا قمحا مثلا أو شعيرا أو غيرهما
أن تكون حصة كل من الطرفين في المحصول مقدرة بنسبة شائعة كالنصف و الربع مثلا
ألا تكون حصة العامل من الإنتاج أقل مما ساهم به من البذور إذا كانت البذور بينهما لأنها إذا نقصت كان ذلك بمثابة كراء للأرض بما زادت من البذور
العمل فيها
لا يقوم العامل بمقتضى عقد المزارعة إلا بحرث الأرض , أما الأعمال الأخرى التي يحتاجها الزرع من سقي حصاد وغير ذلك, فلا تلزمه إلا إذا جرى عرف بذلك, وهي تكون عليهما إذا سكتا عنها عند التعاقد كل حسب نصيبه من الغلة .و أما اشتراط ذلك على العامل في العقد خلاف في جوازه, قيل يجوز ذلك وقيل بعدمه لأنه لا يعلم قدر هذه الأعمال
ما يترتب على فساد المزارعة
إذا اطلع على ذلك قبل فواتها بعمل : فسخ عقد المزارعة
إذا فاتت بعمل : اختلف لمن يكون الإنتاج على أقوال ثلاثة
* الأول: قيل يكون الإنتاج لمن أخرج البذور, و أعطى الآخر قيمة عمله أو كراء أرضه, فإن أخرجا البذور معا كان الإنتاج بينهما بنسبة ما أخرج كل واحد منهما.
* الثاني : قيل يكون لصاحب العمل و رد على صاحبه كراء أرضه أو قيمة بذوره , فإن كان العمل منهما معا كان الإنتاج بينهما بنسبة عمل كل منهما
* الثالث: قيل يكون الإنتاج لمن اجتمع له عنصران من عناصر المزارعة الثلاثة: الأرض و البذور و العمل . و يرد على صاحبه قيمة ما أخرج , و هو المشهور.
بعض أحكامها
نظم الإسلام العلاقة بين صاحب الأرض والمزارع بأحكام عديدة منها :
يتسلم المزارع الأرض من صاحبها بعد العقد ، ليتمكن من زراعتها ، وإذا امتنع صاحب الأرض عن تسليمها يلزم بذلك .
يجب تحديد المدة في المزارعة بحيث تكون كافية لتحقيق المقصود منها فإذا لم تعين المدة ، يكون العقد منتهياً بانتهاء الموسم الزراعي .
يقوم المزارع بكل الأعمال التي يحتاجها الزرع من حرث وسقي وغير ذلك بالشرط أو العرف حتى يتم جني الناتج . فإن لم يكن شرط و لا عرف طلب بحرث الأرض فقط و ما دون ذلك فعليها معا, كل واحد بحسب نصيبه من الغلة .
يضمن المزارع ما يهلك من الزرع إذا قصر في عنايته ، كأن يؤخر سقايته زيادة عن الحد المعتاد ، فإن هلك دون تقصير منه ، كأن يهلك بسبب الصقيع أو شدة الحر فلا ضمان عليه .
يقسم ناتج الأرض بين الطرفين ، وفق ما اتفقا عليه وقت العقد .
تكون حصة كل من المتعاقدين حصة شائعة من المحصول كالربع أو الثلث ، ولا يجوز الاتفاق على كمية محددة لأحدهما كألف كيلو غرام .
صور عقد المزارعة
· أن يخرج المالك الأرض و يخرج العامل العمل و تكون البذور بينهما , و يشترط في هذه الحالة ألا تكون حصة العامل من الإنتاج أقل مما ساهم به من البذور لأنها إذا نقصت كان ذلك بمثابة كراء للأرض بما زادت من البذور
· أن يخرج المالك الأرض و البذور و مستلزمات العمل و يخرج العامل عمل يده فقط و تعرف عند الفقهاء بالخماس
· أن تكون الأرض لهما بملك أو كراء و يتساويا فيما يخرجانه من البذور أو يخرج أحدهما البذور و الآخر العمل