النسخ
تعريف النسخ
النسخ في اللغة: يطلق1- بمعنى الإزالة و الإبطال و الإعدام و منه قوله تعالى:" فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله ءاياته و الله عليم حكيم " الحج 52. بمعنى يزيل ما يلقي الشيطان بدحضه للشبهات التي يلقيها على المشركين . ومنه نسخت الشمس الظل أزالته و أعدمته, و نسخت الريح أثر المشي بمعنى أبطلته. و يطلق2- بمعنى النقل أي نقل الشيء و تحويله مع بقائه في نفسه من مكان إلى آخر ومنه قوله تعالى " إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون" (الجاثية 29) أي نقل الأعمال إلى الصحف ومن الصحف إلى غيرها. و منه نسخت الكتاب أي نقلت ما فيه إلى كتاب آخر.
النسخ في اصطلاح الأصوليين: عرف بتعاريف كثيرة منها:
· رفع حكم شرعي بدليل شرعي آخر متأخر عنه ( وهذا التعريف هو الأقرب )
· هو إبطال العمل بالحكم الشرعي بدليل متراخ عنه، يدل على إبطاله صراحة أو ضمناً
· إظهار دليل لاحق نسخ العمل بدليل سابق
أركان النسخ
· يتبين من التعريف أن أركان النسخ ما يلي :
· الناسخ : و هو الحكم المتأخر الذي حل محل الحكم المرفوع
· المنسوخ : و هو الحكم المرفوع الذي بطل العمل به
· أداة النسخ : خطاب الشارع الذي دل على رفع حكم شرعي بدليل حكم شرعي أخر متأخر عنه
· المنسوخ له : و هو المكلف الذي تعلق الحكم الناسخ بفعله
· مراعاة مصالح الناس في وقت الرسالة اقتضتها أسباب فإذا زالت هذه الأسباب فلا مصلحة في بقاء الحكم ( مسألة ادخار اللحوم )(إنما نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الدافة ألا فادخروا)
· اقتضاء عدالة التشريع التدرج في إصلاح ما فسد من حال من يشرع لهم و عدم مفاجأتهم بما يشق علي فعله أو تركه و هذا التدرج يقتضي التعديل و التبديل ( مسألة حكم الخمر و و نظام التوريث)
· التخفيف على الأمة و التيسير عليهم و إظهار فضل الله عليهم حتى يشكروه على نعمه, (نسخ الحكم الأصعب بما هو أسهل منه )
· ابتلاء المكلف واختباره بالامتثال و عدمه فيظهر المؤمن فيفوز, و المنافق فيهلك و من ذلك نسخ الحكم بمساويه في صعوبته و سهولته ( مسألة تغيير القبلة)
· الزيادة في الثواب و الأجر إذا كان النسخ إلى أشد أو عند تلاوة الآيات التي نسخت حكما و بقيت لفظا.
1.مسألة ادخار اللحوم 2. مسألة زواج المتعة 3.التدرج في تحريم الخمر و نظام التوريث 4. تغيير القبلة
1. ورد أن وفوداً من المسلمين وفدوا على المدينة في أيام عيد الأضحى، فأراد الرسول أن يقيموا بين أخوانهم في سعة، فنهى المسلمين عن ادخار لحوم الأضاحي حتى تجد الوفود فيها توسعة عليهم، فلما رحلوا أباح للمسلمين الادخار، وقال عليه السلام: ((إنما نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الدافة ألا فادخروا))،
2. عدالة التشريع تقتضي التدرج وعدم مفاجأة من يشرع لهم بما يشق عليهم فعله، أو ما يشق عليهم تركه، وهذا التدرج يقتضي التعديل والتبديل. كما وقع في حكم الخمر، فإن الله سبحانه وتعالى لم يشرع تحريمها في ابتداء التشريع، ولكن بين سبحانه أن فيها إثماً كبيراً، ومنافع للناس، وأن أثمها أكبر من نفعها، وكان هذا تهيئة وتمهيداً إلى تحريمها، لأن الذي ضرره أكبر من نفعه يجدر بالعقل أن يجتنبه، ثم أمر المسلمين أن لا يقربوا الصلاة وهم سكارى، فكان هذا تمهيداً ثانياً لتحريمها واجتنابها، لأن أوقات الصلاة متعددة ومتفرقة، فلا يأمن المسلمون إذا شربوها أن يدخل عليهم وقت الصلاة وهم سكارى. ثم بعد ذلك جاء النص الصريح على أنها رجس من عمل الشيطان، والأمر باجتنابها.
3.وكذلك نظام التوريث، بقي فترة في بدء الإسلام على ما كان عليه عند العرب في جاهليتهم، ثم أخذ الإسلام في تعديله بالتدريج، فنسخ أولاً الإرث بالتبني، ثم نسخ الإرث بالتحالف والتآخي، ثم شرعت للتوريث أحكام مفصلة، هدمت الأسس الجائزة التي كان عليها أهل الجاهلية في نظام توريثهم
محل النسخ و شروطه
محل النسخ يكون في الأوامر و النواهي من الحكام الشرعية التكليفية الجزئية و التي يمكن تحتمل أن تتغير مصلحتها في زمن النبوة بين الشدة و التيسير . و عليه فلا نسخ فيما يلي:
· الأحكام الاعتقادية( أصول الإيمان )
· الأحكام الكلية و المبادئ العامة المتعلقة بالعبادات و المعاملات
· أمهات الفضائل( الصدق- العدل – الوفاء بالعهد – بر الوالدين ...)
· تحريم أصول الرذائل ( الكذب – الظلم – الخيانة – عقوق الوالدين ...)
· النصوص المحكمة الدالة على التأبيد ( الجهاد ماض إلى يوم القيامة )
· النص الخبري لأن نسخه تكذيب لمن أخبر به و الكذب محال على الشارع
شروط النسخ:
· إن يكون الحكم المنسوخ شرعيا زمن الرسالة فلا نسخ لحكم شرعي في القرآن أو السنة بعد وفاة الرسول،صلى الله عليه و سلم لأنه بعد وفاة الرسول انقطع ورود النصوص واستقراء الأحكام
· أن يكون دليل رفع الحكم المنسوخ خطابا شرعيا والحكم الثابت بالقياس لا ينسخ بمثله، لأن المجتهد إذا استنبط حكماً في واقعة بطريق القياس ثم استنبط بالقياس هو أو مجتهد آخر في مثل هذه الواقعة حكماً يخالف الأول، فإن هذا ليس نسخاً للحكم الأول، وإنما هو إظهار لبطلان الدليل الأول أي لخطأ القياس السابق.
· أن يكون دليل الناسخ متأخرا عن المنسوخ زمنيا
· ألا يكون الحكم مقيدا بوقت معين و إلا فالحكم ينتهي بانتهاء وقته و لا يعتبر هذا نسخا
· أن يكون بين الحكميين أو الدليلين السابق و اللاحق تعارض حقيقي